Jul 16, 2010

ماذا تعلمنا من السلة المالديفية والالماسة التايلندية ؟



عندما زارنا ثقيل الظل جونو او السلة المالديفية وحل علينا دون دعوة .. قلنا انها المرة الاولى وسوف نتعلم من زيارته المؤلمة مسؤولين كنا او ومواطنين .. فهل حقا تعلمنا وبتنا اكثر وعيا وادراكا خلال الاعوام الثلاثة الماضية من تجربتنا معه !؟ ورغم انه من المبكر نوعا ما الحكم على ذلك ولكن من واقع المشاهدات ومتابعة الاحداث بالصوت والصورة استطيع القول اننا لم نستوعب الدروس كاملة وكشفت لنا الألماسة التايلندية «فت» ذلك بوضوح فيما يتعلق بالذات الانشاءات والطرق وثقافة بعض المواطنين .

ففشل المهندسين القائمين على تخطيط الشوارع سواء كانت رئيسية سريعة وعادية او حتى داخلية او خدمية واضح وجلي ومخجل .. فهي لازالت بلا أنظمة لتصريف مياه الامطار العادية فما بالكم باعصار من الدرجة الثانية !؟ .. فمع الزخات الاولى سرعان ما تتحول لانهر وبحيرات وتزداد سوءا عندما تداهمها الفيضانات العارمة لعدم كفاءة فتحات التصريف بها فتجرفها كقطع الكرتون بعد ان تمتد على ضفاف الشوارع وتغرق البيوت القريبة وهو امر يتكرر مرة تلو اخرى وفي نفس المواقع تقريبا دليلا على اننا لم نستوعب درس تصريف مياه الامطار اطلاقا.

ولنتناول المناطق الاكثر تضررا هذه المرة والتي تعرضت لعنفوان «فت» ، ونبدأ بالجزيرة المنكوبة مصيرة الجميلة التي داهمها الاعصار برياحه العاتية وامطار الغزيرة وامواجه العالية وبروقه المخيفة فعاث فيها تخريبا تسبب في الحاق خسائر في الطرقات والمساكن والمرافيء ان صح القول وربما حتى مرافق المطار العسكري فيها .. وبدا واضحا ان الجزيرة التي ترتبط بالبر عن طريق العبارات لا تمتلك حتى ميناءا محميا تلجأ اليه سفن الصيادين التقليدية والعبارات فتحطم عدد منها على الشواطيء وغرقت اخرى على صخور الحاجز واخرى على الشواطىء .. ولعل حصر الاضرار لازال مبكرا ولنا عودة بخصوصها عندما تكتمل التقارير وتظهر الصور.

ولعل ذات السيناريو المرعب تكرر في الوسطى والشرقية .. ولو ان الطبيعة الصحراوية الرملية الجافة لاراضي محوت والدقم وغيرها ساعدت في امتصاصها للامطار الغزيرة ولكن المنازل والمرافق وخطوط الكهرباء تعرضت لاضرار كما كان جليا ان الشوارع القليلة كما هو الحال في مسقط وبقية السلطنة التي رصفت بلا فتحات ومنافذ تصريف تحولت لانهر جارية !

واما صور العفية فلم يكن بالامكان تمييز بعض حواريها من شدة الفيضانات عن خور البطح حيث فاضت المياه وغمرت منازل المواطنين وسياراتهم كما فعلت في الغبرة والعذيبة والقرم عندما زارنا جونو. وتواردت الاخبار عن انقطاعات في الكهرباء والاتصالات منذ البداية في كامل هذه المناطق على سبيل المثال وليس الحصر جعلان بني بو علي وبني بوحسن والأشخرة ورأس الحد وذلك بفعل الوديان فباتت وكأنها جزر مفصولة عن بعضها البعض وعن مسقط وتعذر الوصول للكثيرين الذين طلبوا النجدة ولم يكن بدا من الانتظار حتى تهدأ الرياح وتبدأ الحوامات عملها في انتشالهم وطواقم الطواريء في اصلاح خطوط الكهرباء والهاتف.

ولعل المأساة العظمى تكررت مرة اخرى وبشكل كبير واكثر مأساوية في قريات وقراها التي انتظر اهلها على مضض المساكن الجديدة واصلاح ما تسبببه جونو من دمار في البنى والمرافق ليأتي اعصار «فت» ليفت في عضدهم مرة اخرى ويزيد من معاناتهم المتواصلة منذ ثلاثة اعوام ولي عودة مع بعض الصور .

ولا شك في ان الدروس المستفادة من جونو هي التي تعلمها رجال الجيش والشرطة والدفاع المدني الذين والحق يقال افرادا ومسؤولين ادوا واجبهم كاملا ودون ادنى تقصير وبما يملكون من امكانيات متاحة ويستحقون لذلك منا جميعا الشكر والعرفان والتحية والتقدير ، والشكر موصول ايضا بشكل خاص لوزارة البيئة والمناخ التي عملت الارصاد الجوية فيها على متابعة الوضع دقيقة بدقيقة وكذلك لوزارة الإعلام ممثلة بالراديو والتلفزيون كما ينبغي التنوية بدور المنتديات المناخية كالخيمة ورذاذ وتفاعل المواطنين معها الذين كانوا يمدونها بالاخبار والتطورات .

واما الذين لم يستوعبوا الدروس وسقطوا في الامتحان من وجهة نظري فهم المخططون والمهندسون والمنفذون المسؤولون عن الشوارع بانواعها والتي تفتقد لمقومات عديدة اهمها تصريف المياه وانسيابية الانحدارات والجسور وفتحات التصريف وهي دليل على انها شيدت بلا مواصفات كاملة ودقيقة تراعي تضاريس المناطق التي تمر بها بحيث تستطيع المياه التجمع فيها وجرفها ببساطة ليعاد رصفها من جديد وندفع من مالنا العام اضعاف مضاعفة .

ومرة اخري سقطت بلدية مسقط وبشكل ذريع في تخطيط وانشاء شوارع مسقط ولعل الحسنة الوحيدة التي قامت بها بعد اعادة بناء شارع القرم البحري وساعدت في انقاذ المنطقة من الغرق تماما هي اضافة فتحة التصريف الرئيسية لحظيرة القرم التي تدفقت من عبرها مياه الفيضانات من وادي عدي والاودية الاخرى للبحر دون معوقات انقذت القرم من الغرق تماما وساعدها في ذلك حالة الجزر، ولكن فشلها الذريع تجلى في مشكلة طريق العامرات - مسقط وتأخر الشوارع والجسور الجديدة المزمع الانتهاء منها حسب الوعود هذا العام ولكن هيهات فاصلاحها من الاضرار وحده سوف يستغرق ربما عاما آخر .

وقبل الختام احب الاشارة الى ان الذين فقدوا ارواحهم جراء الخوض في الوديان وتجاهل تعليمات وارشادات وتحذيرات المسؤولين الذين ظلوا يرددونها ليل نهار حتى بحت اصواتهم انهم دفعوا ثمن تجاهلم وجهلهم ومخاطرتهم ولا يحق لأي كان ان يلوم احدا في ذلك ، وكما ان فقدان ارواح بعض الاطفال غرقا يسأل عنه اهاليهم المهملين .. ويكفي ان رجال الانقاذ خاطروا بحياتهم من اجل انقاذ اولئك المتهورين واستشهد احدهم في سبيل ذلك .

لعله بات من الواضح اننا بتنا بلدا معرضا للاعاصير في هذه الاشهر من كل عام وفلعتين في الرأس توجع ولنكن مستعدين منذ الآن لفلعات قادمة بعد ان نكون قد استوعبنا الدروس من السلة المالديفية والألماسة التايلندية .

No comments: