Jul 16, 2010

مشاهدات من ارض الابتسامات (٢) : الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود !!

في مركز الاورام السرطانية الشامل بمستشفى بومرُنجرات* في العاصمة التايلندية بانكوك جلس كهل عُماني على كرسيه المتحرك شارد البال وهو ينتظر معاينة الطبيب .. شروده الغريب ونظراته الحزينة وهو يجول ببصره في الوجوه الغريبة من حوله دفعتني تلقائيا بالتوجه اليه بالسلام ومناشدة العلوم في محاولة لبعث شيء من الطمأنينة في نفسه وكسر الوحدة والغربة اللتين يعيشهما بعد ان انصرف مرافقوه لامر ما ! وانشغل المترجم التايلندي بمساعدة مرضى آخرون لا يتحدثون الانجليزية .

عرفني بصوت حزين وعينان دامعتان بنفسه وبولايته وابدى فرحته المقرونة بالدهشة بلقائي وبادرني المناشدة بالعلوم والاخبار ! ومن خلال اللقاء المؤثر هذا اكتشفت حجم معاناته الطويلة مع المرض الذي نال منه جسديا ومعنويا ونفسيا .. حكى لي قصة علاجه الطويلة في المستشفيات الحكومية والخاصة في السلطنة مرورا بالدول المجاورة وانتهاءا بدواء الهاشمي الوهمي وشلة من المشعوذين الى ان وصل لارض الابتسامات وهو لازال يأمل في الشفاء من مرضه العضال وبحسرة بدات واضحة في نبراته الخافتة .

أثار المشهد واللقاء المؤثر الحزن العميق في نفسي رغم تظاهري برباطة الجأش ومحاولتي المستمرة للابتسام ! .. وعادت في بالي نفس الاسئلة التي يكررها ربما عشرات الالاف من المرضى العمانيون شيبا وشبابا واطفالا .. رجالا ونساءا .. وهي .. هل بات علينا رغم ما نملكه من مرافق حديثة وامكانات لا تتوانى الحكومة عن التباهي بها بمناسبة وبلا مناسبة ان نتغرب ونتعذب ونعاني من اجل العلاج ؟؟ وان كنا نملك الامكانات التقنية والمرافق والمال .. لماذا أذن نضطر للرحيل بعيدا لاصقاع الارض طلبا للعلاج ؟؟

ولماذا يحق للبعض منا العلاج في ارقى المستشفيات في العالم مجانا وعلى حساب الحكومة بينما الغالبية تعاني وتدفع من حسابها الخاص للعلاج في مستشفيات بانكوك وبمبي وغيرها وتتحمل ليس فقط الغربة ولكن ظروف معيشية قاسية تتمثل في السكن اللائق وتضطر للمبيت في فنادق رخيصة بائسة فيما يعرف بحي العرب الرخيص الذي يقع وسط المواخير والاندية الليلية فيما يعرف بمنطقة نانا !!؟؟

متى يتوقف هذا النزوح عن مستشفياتنا والعزوف عن خدماتنا الطبية التي باتت مستوياتها المتدنية حديث القاصي والداني .. وباتت النظرة اليها كالعبارة التي نقشت على بوابة كوت الجلالي .. الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود !!

دعوة جادة للنقاش وللخروج باجابات ومقترحات تعالج هذا الاشكال المريع والتراجع المتواصل للمؤسسة الصحية العُمانية .

* بومرُنجرات وتلفظ باللغة التايلندية 'Bahm-roong-RAHT' تعني « الاعتناء بالافراد ورعايتهم » وهو اسم واحد من اكبر المستشفيات الدولية الخاصة في آسيا يقوم بعلاج مليون شخص سنويا يفدون اليه من جميع انحاء العالم وهو معروف لدي غالبية العمانيين والخليجيين .



مستشفى بمرُنجراد الشهير وجهة العمانيين والخليجيين الذين يثقون في قدرات اطبائه وفنييه واخصائيه بعد ان فقدوا الثقة في مستشفياتهم الحكومية والخاصة !



امام فندق غريس الذي يتوسط شارع العرب والمفضل عند العمانيين والخليجيين تقف بائعات الهوى بانتظار الزبائن .. وهذا المنظر القبيح المقزز تشاهده العوائل من نساء واطفال ممن تضطرهم الظروف المادية للمبيت في الفنادق والشقق الرخيصة في المنطقة .. ولعله يطرح علامة استفهام كبيرة الي جانب علامات تعجب عديدة .



هذه اللقطة تصور متناقضات شارع العرب العجيبة ففي المقدمة نرى امرأة مسلمة وهي تسبح وفي المقابل نرى احد المراقص المعروفة بالعري والابتذال .


No comments: