Jan 24, 2008

الــوطـــن لــمــــن ؟

بقلم : عباس غلام الرسول الزدجالي

يبدو سؤالي هذا غريبا بعض الشيء ولكن فعلا .. هل يستحق كل مواطن قطعة من الوطن ؟! .. فالوطن فيزيائيا هو قطعة شاسعة من اليابسة اختارها شعب ما ليعيش عليها ويرتبط بها منذ سالف الزمن ويدمغها بهويته وبفكره وروحه ويربط وجوده بها وعند الضرورة يدافع عنها مضحيا بالغالي والنفيس ولا يرضى بالتفريط حتى بشبر واحدا منها .. وكم ضحت الشعوب المخلصة لأوطانها بأرواحها وروت بدمائها ثراه المقدس .
ولنا في فلسطين عبرة ومثل عن قدسية الوطن والارض .. فاخواننا الفلسطينيون يقاومون منذ ستة عقود احتلال الصهاينة الآثمين لتراب وطنهم الطاهر مضحيين بارواحهم ودمائهم لأجله .. حتى يقال ان سبب ملوحة زيتون فلسطين يعود لتشبعها بدموع الامهات الثكلى بفقدان اعزاء لهم .
وامام كل ذلك اقف مستغربا على ما آل اليه حال الكثيرين منا .. الذين اضحت المادة لديهم اغلى من تراب الوطن فباتوا يبيعون اغلى ما يملكون من اراض بداعي الضرورة والفاقة .. وياليت لو اقتصر الامر على المحتاجين ولكن حتى الميسورين باتت اراضي الوطن لديهم بضاعة يتاجرون بها ويزايدون عليها حتى للاغراب .. وبات جزءا من اراضينا .. بيد من يعرفون بالمستثمرين الاجانب ليزايدوا هم عليها ايضا .
والغريب ان حال معظم الذين باعوا اراضي وطنهم من المعوزين والمحتاجين لم يطرأ عليها تغيير جذري .. بل يمكننا الجزم انها زادت سوءا مع الارتفاع الجنوني لكل شيء بما فيها اراضيهم التي باعوها وايجار المساكن التي يبحثون عنها .. فباتوا بلا ارض ولا مأوى ولا وطن !
ومع دخولنا للسوق الخليجية المشتركة ومع ثراء جيراننا وتواضع امكانياتنا ، فأن قسما كبيرا من وطننا سيصبح خارج نطاق سيطرتنا وسيكون بلاحول ولا قوة كوضع العبيد المسلوبين في سوق نخاسة الاراضي او ما يعرف بسوق العقار .. وسوف يتنافس الدلالون في الاستفادة منها كالغربان تنهش في جسد طريدة سقطت بين براثن ضباع ضارية جائعة .
وامام هذا الاستنزاف الحاصل للوطن نقف حائرين .. فأن منع المسؤولون الاراضي عن المواطنين ثارت ثارتهم احتجاجا واستنكارا .. وان وزعوها تقاطر عليهم الغربان والضباع ليخطفوها ويستولوا عليها حتى وان كانت في سيوح جرداء وبلا خدمات وبنى اساسية .. فما الحل ؟ .. هل يستمر وطننا في التقلص .. ويعرض للمزايدة في اسواق نخاسة الاراضي ويظل مواطنوه بلا وطن .. اقصد اراض من الوطن !
وعودة لسؤالي لمن .. الوطن ؟ .. هل هو لمن يحافظ عليه ويروي حياضه ان اقتضى الأمر بدمه ولا يفرط بشبر منه .. ام هو للذي يعتبره سلعة لابد ان يحصل عليها ليبيعها باعلى ثمن لقضاء حاجة آنية .. ام ان الوطن صكوك ملكيات يتاجر بها هوامير العقار وغربانهم ؟

منقول من الشبيبة عدد الثلاثاء ٢٢ يناير ٢٠٠٨م

No comments: