Jan 15, 2008

آن الأوان لنعيد الأمور لنصابها

بقلم : عباس بن غلام الرسول الزدجالي

فى آخر احصائية عن سكان السلطنة اتضح ان عددهم قد بلغ حتى شهر مايو الماضي مليونين و850 ألف نسمة ، من بينهم 800 ألف وافد حسب التقديرات المتوافرة لدي سجل الاحوال المدنية التابع لشرطة عُمان السلطانية ، وهذا يعني ان نسبة العمانيين للوافدين اصبحت 2 الى 1 تقريبا .. او بالاحرى اضحى ثلث سكان السلطنة من الوافدين طبعا باضافة اعداد المتسللين والمقيمين غير الشرعيين.!
إذن لماذا ؟ هل نحن بحاجة لهم كلهم ؟ .. وهل نحن قادرون على استيعابهم وتوفير العمل لهم ولعوائلهم ؟ .. ان كان الجواب نعم .. فلماذا لا نستطيع توفير نفس المتطلبات لابنائنا وبناتنا الذين اخذوا يهاجرون لدول الجوار حتى قبل بدء تطبيق اتفاقية السوق الخليجية المشتركة للبحث عن لقمة العيش ؟ الا يعتبر هذا العدد الهائل من الوافدين خللا سكانيا خطيرا في دولة محدودة الموارد تواجه مصاعب وعقبات في سبيل توفير فرص العمل الشريفة لابنائها .. فكيف لها ان توفر العمالة لحوالي مليون وافد ؟
لا .. وأن تزداد العمالة باضطراد ونحن نصرف عشرات الملايين على برامج التعمين والتأهيل والاحلال العديدة لمهن مختلفة تتراوح من باعة خضار وغاز وسواق اليات ثقيلة وعمال بناء الى مهندسين وفنيين وفي جميع التخصصات والقطاعات .. يعني بصريح العبارة اننا فشلنا في الوصول لاهدافنا لاحلالهم مكان الوافدين رغم ما بذلناه وما قمنا به .
مراجعة بسيطة لاقامات الوافدين ستكشف ارقاما مذهلة واساليب تحايل عجيبة .. فالغالبية التي يفترض ان تغادر الى بلادها بعد تعمين وظائفها لم تفعل ذلك او انها عادت مرة اخرى لتعمل في مجال آخر . والذنب هنا لا يجب ان يلقى على عاتق الحكومة لوحدها بل على عاتق الجميع من كبار رجال الاعمال ولغاية صيادي الاسماك وحتى ربات البيوت .. ذلك انهم جميعا يوظفون العمالة الوافدة ويستغلونها على أساس انها رخيصة .
في احدى الاحياء الكبيرة كانت هناك سبع دكاكين لبيع الاغذية ومطعم وأحد يعمل الوافدون فيها جميعا باسلوب التجارة المستترة وما يملكه العُماني لا يتعدى شهادة البلدية ورخصة وزارة التجارة المعلقتين على جدران هذه الكاكين .. وما عدا ذلك فهي للوافدين وشركائهم ! على أية حال ، بعد تعمين مهنة الباعة وتشجيع العمانيين على ادارة هذه المحلات المعمنة .. تحولت محلات دكاكين البقالة الستة بقدرة قادر الى مطاعم وتحول الوافدون الذين كانوا يعملون فيها سابقا كباعة لجرسونات ومحاسبين وربما طبابيخ .. وان كانوا في السابق ثلاثة افراد في كل بقالة صاروا الآن عشرة في كل مطعم ؟
كنا حتى وقت قريب نستغرب من الخلل السكاني الرهيب في جارتنا العزيزة دولة الامارات والتي بلغت نسبتها في أمارة دبي 80٪ واعتبرناها نسبة خيالية .. عليه لو قسنا عدد الوافدين من مجمل سكان عاصمتنا مسقط .. فهل سنكون افضل حالا من دبي ؟ .. علما ان دبي تعاني من قلة السكان المواطنين.. بينما سكاننا في ازدياد والحمدلله .
وبما اننا مقبلون في القريب العاجل على تنفيذ العديد من المشاريع العامة والخاصة في المجالات الصناعية والسياحية .. مما يعني توفر فرص عمل جديدة من المفروض ان تكون الاولية فيها للعمانيين والعمانيات ، فهل سنفعل ذلك ونستوعب جميع الباحثين عن عمل في هذه المشاريع ام اننا سنترك لرجال الاعمال الذين يجاهدون الآن للحصول على الأف الماذونيات لجلب العمالة الوافدة الرخيصة .
اما آن الاوان لنعيد الامور لنصابها ونوقف الهجرة المعاكسة لكوادرنا وكفاءتنا ونصحح الخلل الديمغرافي .. ام اننا سوف نستمر في اختلاق الاعذار والمبررات وبالذات من قبل تجارنا الذين لازالوا متمسكين بالوافدين لرخصهم ولزيادة الاصفار في حساباتهم المتخمة ولو على حساب الوطن ومستقبله .

(منقول من جريدة الشبيبة ، العدد ٤٦٢٥ ص ٥ )

No comments: