Sep 30, 2007

دعوا القرم لحالها ..

مع العشوائية التى عرفنا بها في التخطيط وغياب الاولويات في وجه الواسطات والمحسوبيات .. والتي تكشفت مؤخرا وبعد زيارة جونو المفاجئة التي فضحت هشاشة بعض الانشاءات وغياب بعضها الآخر واعادتنا للوراء .. ولعل اهمها مشكلة العبث بشبكة التصريف الطبيعية ( بعد ان فشلنا وحتى اليوم في انشاء شبكة صرف صحية مدنية لمدينة مسقط وضواحيها بدات آثارها تظهر في تفجر الينابيع اقصد البواليع وجريانها) .
وعلينا ان نعي ان شبكة التصريف الطبيعية هذه التي تشكلت مجاريها وقنواتها عبر ملايين السنين في شكل الاودية والشعاب والخيران لم تخلق الا لسبب او اسباب وهي في المقام الاول انسياب مياه الفيضانات المندفعة من الجبال العالية والمناطق المرتفعة عبر السهول الساحلية الى المناطق المنخفضة بمحاذاة الشواطيء والمعروفة بالخيران او الاخوار حيث تذهب للبحر الذي جاءت منه اصلا .
ولعل ذلك تجلى وبكل وضوح في منطقة القرم ففي غضون ساعات من زيارة جونو اندفعت السيول العارمة مندفعة من الجبال عبر ما تبقى من اودية لتغرق منطقة القرم باكملها تحت امتار عديدة من المياه الموحلة المحملة بالصخور والطين والاشجار والسيارات والاعمدة وحتى بعض البشر الذين شاء القدر ذلك اليوم ان يذهبوا ضحايا لعنفوان السلة المالديفية .. لتصب في النهاية فيما يعرف اليوم بحديقة القرم وسابقا بخور القرم ، وقد ادت اودية اخرى رغم محاولات احتجازها لفيضانات عارمة اسفرت عن دمار غير مسبوق للمتلكات والمنشاءات في الانصب والعذيبة والغبرة والسيب وقريات ومناطق اخرى .
ومع ذلك نقول رب ضارة نافعة .. فقد جاءت الفيضانات كالدش البارد المفاجىء لتوقظنا من سباتنا وتفتح عيوننا وبالاخص المهندسين والمخططين والمسؤولين وحتى الهومير الطامعين الى ان الطبيعة لا يمكن الوقوف في وجهها وبالذات في ذروة عنفوانها. فلندع الطبيعة بحالها ولندع الاودية تجرى في مجاريها والخيران كما هي وكما خلقت .. تؤدي دورها الذي تكونت من اجله منذ الازل .. فمهما حاولنا ان نقطع العلاقة هذه بين وادي عدي والاودية الاخرى التي تصب في القرم فلن ننجح .. فلا السدود ولا التحويلات ستمنع التقاء هما ببعض .. فان كان جونو من الدرجة الاولى استطاع ان يكسر ويحطم بشكل كارثي خيالي لازال منطبعا في ذاكرة القرميين كل شيء ليصب في خور القرم .. فما بالكم سيقف في طريقه لو كان من الدرجة الرابعة مثلا .
اقول لكل الهوامير وضرابين الصواني والمفسدين الفاسدين ارفعوا يدكم عن القرم .. ودعوها في حالها .. واناشد معالي وزير البيئة الموقر بأن يحولها كما كانت اصلا .. طبيعية ١٠٠٪ ، بازاحة بقايا شارع الحب الذي قهره جونو بكل بساطة واطلال مرافق مهرجان مسقط الغنائي الخلاعي وحظائر الخيول والمشاريع الاخرى التي شوهت بها ضفاف الخيران .
ورغم ان الغزلان والثعالب والقطا والصفارد لن تعود قريبا للقرم كما كانت سابقا .. الا ان الطبيعة كفيلة بدون تدخلنا لاعادة الامور لطبيعتها.

No comments: