كم هو صادق هذا القول للشاعر الكبير جبران خليل جبران.. فويل لنا أذ وجدنا انفسنا مرهونين بنجاح وفشل محاصيل الارز والشاي في الهند وباكستان وارتفاع اسعار البن في البرازيل والقمح في امريكا وتوقف مصانع النسيج في الصين ! .. وهو الامر الواقع فعلا هذه الايام .
ولكم ان تتصوروا لو اننا انقطعنا عن العالم ولم نعد قادرين في التواصل والاتصال معه .. نتيجة ظروف مناخية استثنائية على شاكلة انواء من درجة جونو بو خمسة نجوم او غيرها من كوارث الطبيعة المتقلبة هذه الايام وثقب الاوزون الاخذ في الاتساع والاحتباس الحراري المتواصل ، او بفعل بشري نووي شيطاني من معتوه كالذي يقبع في البيت الأسود او ذلك الحالم بامبراطورية فارسية جديدة .. او رئيس تلك الدولة المأرقة التي غرزها الغرب في ظهرانينا وغصبا عنا !؟
ماذا لو فجأة وبلا مقدمات اندلعت حرب نووية مدمرة في الصراع المستعر على منابع النفط في المنطقة وتوقفت الطائرات والسفن من الوصول لمنطقتنا المنكوبة الملوثة بالاشعاعات والغازات !؟ .. الن نضطر حينها لأكل بعضنا البعض من اجل البقاء ؟ وذلك ان نكون قد اتينا على ما تبقى من الاحتياطي الغذائي وعلى الاخضر واليابس ! الن نندفع باتجاه الداخل والمناطق النائية هربا من التلوث بالاشعاعات والاختناق بالغازات ونترك الحواضر الساحلية المدمرة ؟ .. سيناريو مرعب فيه شيء من الخيال ولكن في نفس الحين الكثير من الحقيقة ايضا.
ماذا اعددنا .. ونحن لانزال نترنح من ضربة جونو وغير قادرين على تجاوز أثارها ولازال بعض من المواطنين يسكنون الكرفانات والخيام والمدارس كاللاجئين.. وآخرون ينتظرون التعويضات او المساعدات كالعورين يترجون الصبح كما يقول مثلنا العُماني.
في السابق او ما يطلق عليه الان بعصر ما قبل النهضة .. لم تتوفر الرعاية الصحية ولا التعليم ولا الطرق ولا الكهرباء والمياه .. ولكن في نفس الحين كان هناك اكتفاء ذاتي محسوس من المحاصيل والاغذية .. وكنا نصنع من الاقمشة مايسترنا ونزرع من الاغذية ما يسد احتياجاتنا .. بل ويزيد كالبسر واللومي والاسماك المملحة فنصدرها للخارج .. فبالاضافة للتمور والبسور كان اللومي او كما يحلو للبعض تسميته بالليمون يصدر مجففا وطازجا الى دول الخليج والعراق والى الهند والسواحل. على الاقل كنا ناكل مما نزرع ونلبس مما ننسج .
ان تدهور قطاعات معينة خلال عقود النهضة الثلاثة يفترض لها ان تزدهر وتترعرع لما ضخ في سبيل تنميتها من مئات الملايين المؤلفة من الريالات لأمر محير حقا .. وبالذات وهي ثروات متجددة مستدامة العطاء كالزراعة والاسماك .. فما الذي حصل ؟ .. وما السبب ؟ .. فهاهي نخيلنا يغتالها المتق وليموننا تكنسه العجوز .. وبحارنا تئن وتشكوى من وطأة الصيد الجائر .. بحار كانت فيه الاسماك بالكثرة والجودة التي اذهلت الرحالة والجغرافيين على مر العصور .. اصبحت الآن قاعا صفصفا بعد ان اتت عليها سفن الهوامير والقراصنة وجرفتها من الحياة .. واضحت حبتين الضلعة بريال ! .
كما هي محزنة اوضاعنا .. الاقتصادية والمادية والمعيشية هذه ونحن على مشارف العيد السابع والثلاثون لنهضتنا .. حيث اضحينا .. مشتتين وتائهين لا نجد حتى من نستنجد به ليدلنا على الطريق .. او حتى يحيي الأمل في قلوبنا الجزعة .. ولو ببضع كلمات معسولة ووعود جديدة تعودناها من حكوماتنا .. رهيب ومخيف هذ الصمت المخيم وسكون المقابر هذا .. هل هناك من يسمعنا ؟
No comments:
Post a Comment