Nov 4, 2011

هل ستضع كايلا ‪"‬Keila‪"‬ العربة خلف الحصان !؟





منذ ان نشأت عُمان على سطح البسيطة قبل نحو ٨٠٠ مليون سنة وتشكلت تضاريسها نتيجة الانثناء والانضغاط فبرزت الجبال على امتدادها تقريبا وهي تتعرض للفيضانات وعاشت عصور وحقب عديدة ساهمت جميعها طبيعيا في خروجها لنا بهذا الشكل واهم سماته تمثل في الاودية او الانهر الجافة القديمة المعروفة منذ الازل بعنفوان فيضاناتها المدمرة التي شقت مجاريها بعمق في الجبال لتنتهي نحو البحر من جهة ونحو الصحاري من الجهة الاخرى .. وقد تعامل معها الاقدمون بحكمة شديدة مستنفعين من جريان مياهها بشق امهات الافلاج منها واستخدموا طميها وتربتها الخصبة للزراعة فاقاموا الواحات والحواضر على ضفافها وفي اماكن معينة ومناطق محددة لا تهددها الفيضانات الموسمية والعارضة .. ولنأتي نحن وفي العقود الماضية بالتحديد محاولين تحدي وتطويع هذه الطبيعة التضاريسية دونما الاخذ في الاعتبار حكمة الاجداد وتجاربهم وذلك بشق الطرق وتأسيس المدن والمرافق الصناعية بل وتعديل وتغيير المجاري الطبيعية وسدها دون الاخذ باسوء الاحتمالات … ولعل مشهد المياه التي تتدفق كالشلالات من فوق سد وادي ضيقة تشعرك بقوة الطبيعة وعنفوانها التي تنبأ دوما بالاسوء .



وادي ضيقة وقد فاضت مياهه بعد امتلاء السد عن آخره .


وما زاد الطين بلة بالاضافة طبعا لانعدام التخطيط العلمي الصحيح والمدروس والمبني على أساس مراعاة التضاريس وليس قهرها التغير المتسارع في المناخ عالميا والذي جعل من الاعاصير المدمرة امرا واردا وموسميا منذ عقد مضى وربما لقرون قادمة .. فكان جونو وتبعه فيت ومن ثم جائتنا كايلا ‪"‬Keila‪"‬ التي وان اختلف خبراء الطقس في تقييمها ان كانت اعصارا او عاصفة مدارية او منخفضا جويا عميقا !! ولكن الحقيقة الواقعة والماثلة رغم اختلافات التصنيف ان كايلا ‪"‬Keila‪"‬ هذه حملت من الامطار ما لا يقل عن اخواتها جونو وفيت وتشكلت بنفس الطريقة وانطلقت من نفس المكان ونالت الاسم المالديفي ايضا ‪"‬Keila‪"‬ الذي يقال انه من اسم انثوي ومن اصل عربي !!



كايلا تقترب من سواحل ظفار حسب تقرير لوكالة ناسا .


ولم يأتي تأسيس وزارة للشؤون المناخية والبيئة في السلطنة اعتباطا بل تقديرا للاهمية التي يشكلها المناخ في ظل التغيرات التي تتوارد ولعل الفيضانات الاخيرةغير الاعتيادية والاعاصير المتتالية في مناطق عدة من العالم تشير بجلاء ان القادم اسوء .. ولدرجة تخيل معها المنجمون وربما صدقوا هذه المرة بان نهاية العالم المتوقعة في ديسمبر من العام القادم ستكون بفعل عوامل طبيعية نتيجة الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر !!

ما علينا .. فالمهم الآن ان نقوم بالتعلم من تجاربنا بعد ان فشلنا في التعلم من تجارب الاجداد ونعمل على تخطيط يراعي تصريف مياه الفيضانات والصرف الصحي والتضاريس السطحية من مرتفعات ومنخفضات بحيث تجري المياه في مجاريها الطبيعية ودون حواجز لتنتهي كما كانت تنتهي على مدي ملايين السنين للبحر دون ان نتكبد خسائر في الارواح والممتلكات والمرافق ولتاخذ الطبيعة مجراها دون تدخل منا يخل بها وبموازيينها الدقيقة .

هل استوعبنا الدرس هذه المرة ووضعنا ايدينا على مواقع الخلل ؟؟ .. ان كانت نصف ساعة من الامطار الغزيرة قد تسببت في قلب الامور رأسا على عقب في مسقط وغيرها من مدن فماذا سيكون عليه الامر لو استمرت الامطار لساعات عدة !!؟ اليس ما حصل لمستشفى النهضة لهو مثال حي على سوء التخطيط وسوء التقدير والاستهانة كالعادة بالامطار والعواصف ؟؟ .. الم يحن الوقت بعد لنبدء في وضع نظام تصريف عملي وفاعل لمدينة مسقط التي تعاني من كل زخة مطر وتتحول احيائها وساحاتها لبرك ومستنقعات وشوارعها لانهر وقنوات ؟؟

اخطأنا في البداية في وضع العربة امام الحصان وشيدنا مدينة او مدن بالاحرى بلا أنظمة تصريف ومجاري وبلا تخطيط يحترم التضاريس ولا يحاول تحديها .. فهل يعي المسؤلون ان الوقت قد حان لتكون كايلا ‪"‬Keila‪"‬ سببا مقنعا لوضع العربة خلف الحصان .

No comments: