Jan 6, 2011

الـمــد الاحـمــر .. يهد شواطئنا مجددا .. فما العمل !؟


من المعروف لدي اجدادنا الصيادين منذ القدم ان ظاهرة «المد الاحمر» التي تعارفوا على وصفها تندرا ربما او يقينا منهم بـ «حيض البحر» !! ربما لوقوعها في مواسم معين كما تحصل للمرأة شهريا وفي موعدها، باتت اليوم ظاهرة مؤرقة وشبه متواصلة وتقع بين الفينة والاخرى وتغطي مساحات شاسعة من بحارنا المستنزفة والمنهكة لتساهم في شقاء ومعاناة صيادينا الذين باتوا غير قادرين حتى على تغطية مصاريف الوقود اللازم لقواربهم بحثا عن الاسماك النادرة حتى بالتوغل بعيدا خارج مياهنا الساحلية !!

ويبدو ان لعنة «المد الاحمر» هذه تضاف للعنات الصيد الجائر والتلوث من المخلفات الصناعية وتسرب النفط ومياه الموازنة الملوثة من الناقلات والسفن في مياهنا لتجتمع معا فتسلب بحارنا من الحياة .. وتتحول بعد ان كانت بحار بكر مفعمة بل ومتخمة بانواع الكائنات لحد ضرب فيها الامثال الي بحار ميتة لا حياة فيها .

وبما ان الندم وعض الاصابع لا ينفع الآن والضرر قد وقع والله يجازي من كان السبب فلنركز جهودنا على انقاذ ما يمكن انقاذه ولنحاول صد «المد الاحمر» قدر المستطاع والتقليل من اضراره بدل الاستسلام وترديد نفس الاعذار للجماهير بكونه ظاهر طبيعية خارقة كلما ضرب بحارنا وأثر في ارزاقنا والجلوس متفرجين الى ان يزول وليظهر مد آخر !!

وحتى يحين اكتشاف العلماء الغربيين وغيرهم الذين اوكلنا لهم الامر في كل شيء تقريبا في حياتنا وبتنا نعيش تحت رحمتهم لحل جذري وفعال لهذه الظاهرة فلنحاول على الاقل التقليل من وطأة وشدة «المد الاحمر» ، بعد اخفاقنا في صده ورفع الرايات مستسلمين بحيث تقل اضراره على الحياة البحرية وبحيث يستطيع الصيادون اصطياد ما يمكن من اسماك بدلا من الانضمام لقوافل العاطلين او الباحثين عن عمل والمد الاحمر يضرب شواطئنا.

ولعل الاستفادة من تجارب الدول الاخرى التي نجحت في التقليل من وطأة «المد الاحمر» كاليابان والفيليبين وكوريا الجنوبية وفيتنام وفي منطقتنا ايران والامارات وغيرها من دول وذلك برش الطين فوق المناطق التي تظهر فيها العوالق او طحالب «المد الاحمر» الفسفورية المعروفة علميا باسم Noctiluca scintillans وهي التي نراها احيانا تشع زرقة في الليل عندما تتفاعل نتيجة حركة الموج او تعلق باجسامنا عند السباحة . ويعزي ازدهارها وتحولها لظاهرة «المد الاحمر» نتيجة توافر عوامل معينة كغني المياه بالمواد الغذائية البلانكتونية الناجمة عن ظروف بيئية كتدفق المياه الغنية القادمة من الاعماق بمياه السطح الدافئة ودورانها . ولعل البحث عن طفيليات مضادة لطحالب «المد الاحمر» واطلاقها في بداية التكون كما برهنت التجارب التي اجريت في فرنسا يساعد في القضاء عليها من البداية .


طحلب Noctiluca scintillans : يتميز هذا الطحلب الكروي الشكل ذو الخلية الواحدة ببروز ما يشبه الذيل او السوط له وهو لا يحتوى على مادة الكلوروفيل . ولكنه معروف باصداره ضوء اخضر خافت مشع عندما تحركه الامواج او عند التصاقه بالاجساد ليلا نتيجة التفاعل الذي يقع في خلاياه . وعندما تتوفر الظروف الملائمة يشهد نموا كثيفا للغاية ليشكل معا ما يعرف بظاهرة «المد الاحمر» .

وزارتا الثروة السمكية ووزارة البيئة والشوون المناخية مطالبتان مع استفحال هذه الظاهرة ليس التبرير فقط كما اعلن امس وتطمين الناس بأن الطحالب المسببة للمد الاحمر تبين بعد عام كامل من الدراسات والبحوث انها غير سامة او بمعني آخر لا تتسبب في تسمم الاسماك والقوقعيات ولكنها تقتل الاسماك والكائنات البحرية باستنزافها للاوكسجين في مناطق تواجدها ما يعني ان ضررها كبير ومؤثر وواقع !!

ونحن اذا نشكر لوزارة الثروة السمكية هذ الكشف العلمي الذي استغرق عاما كاملا لتحديد فصيلة الطحلب ، الا اننا نرجوا منهم عدم الركون للهدوء والتسليم وبالاخص في ظل احتمالات تفاقم هذه الظاهرة مع التقلبات المناخية التي نتعرض لها وفي ظل شح الاسماك نتيجة الصيد الجائر والممارسات الخاطئة طوال العقود الماضية وانقاذ ثروتنا البحرية ومصدر رزق الاف الصيادين وعوائلهم بالتقليل من وطأة المد الاحمر بالاساليب المعروفة والمتبعة .

1 comment:

Anonymous said...

شكرا