نحن بشر ولسنا حيوانات !

---

في زيارة لصديق ظهر اليوم عند الساعة الثانية الا الربع ظهرا صادفت في الطريق الداخلي لحارته الواقعة بمنطقة سكنية في أحد احياء مسقط مجموعة من العمال الوافدين وهم يعملون على ترقيع طريق مرصوفة تأثرت بالحفريات التي قامت بها قبل نحو ثلاثة اعوام الشركة الصينية المتعاقد معها لمد شبكة المجاري التي لم ينتهي العمل بها حتى اليوم !!
وكانت درجة الحرارة حينها قد تجاوزت الثالثة والاربعين ولا تسمح لأي كان بالوقوف تحت الشمس الحارقة اكثر من خمس دقائق فما بالك بعشر ساعات واكثر !؟ سألت العمال وقد تملكني الفضول والشفقة معا عن اوضاعهم ، لاكتشف ان ما كنت قد حذرت منه قبل عام ونيف تقريبا من استغلالنا للبشر وحاجتهم لدرجة الاستعباد لازال مستمرا ومتواصلا وبمباركة السلطات الحكومية المتعاقدة مع هذه الشركات الظالمة رغم انها تدعي عكس الواقع !
( انظر الرابط : http://www.omania2.net/avb/showthread.php?t=220535 )
فالعمال المذكورون هم من الهند والنيبال وتم التغرير بهم وخداعهم من قبل الشركة التي وظفتهم في الهند والشركة الصينية التي يعملون بها في السلطنة.
فقد كان أساس التعاقد ان يستلموا رواتب تبلغ ١٢٠ ريالا مقابل العمل ٨ ساعات مع توفير المسكن والمأكل والعلاج والاجازات .. فما الذي حصلوا عليه من تلك الوعود من الشركة الصينية التي يعملون بها ؟؟
- العمل ١٢ ساعة يوميا ودون اجازات لعامين متواصلين لقاء ٥٠ ريالا لا غير.
- السكن في عنابر ضيقة لا تصلح للبهائم بواقع عشرون شخصا على أسرة من طابقين والاشتراك في الحمامات المريعة والمنافع الاخرى .
- الوجبات التي يعافون تناولها ويلقي بها البعض في الزبالة مفروضة عليهم فرضا ولا خيار آخر لهم متاح .. فاما ان تأكل وتتقيأ او تتضور جوعا .
- العمل في جميع الظروف المناخية (الدليل الصورة المرفقة اعلاه) دون حتى توفيرمياه الشرب والملابس المناسبة ومعدات السلامة الواقية وبشكل متواصل يوميا من الخامسة صباحا وحتى الرابعة عصرا .
- العلاج يكون عند الضرورة القصوى وفي عيادات رخيصة هدفها التخفيف من المرض وليس علاجه وقد تعرض عددا منها لعاهات واصابات خطرة اثناء العمل في ظروف تنعدم فيها كل مقومات السلامة.

سألتهم لماذا لا يشتكون أذن ويحتجون على استعبادهم واستغلالهم بهذه الطريقة الظالمة والمريعة والتي تتنافي مع ابسط القيم الانسانية والاخلاقية وما تعهدت به السلطنة للعالم من مكافحة للاستغلال والاتجار بالبشر وما تطبل له جهاتنا الاعلامية ليل نهار وتنفي وجوده بين ظهرانينا !؟ اجابوني والاسى والحزن قد ارتسم عميقا على وجوههم التي لفحتها الشمس فتحول النيبالي الشاب الابيض لفحمة محترقة .. تقدمنا بالشكوى لسفارتنا في مسقط ولكن دون جدوى ومجرد وعود مكررة ومماطلة بالنظر فيها وعندما علمت الشركة الصينية التي نعمل بها بذلك قامت على الفور بتسفير المشتكين بشكل تعسفي ومباشر وحتى دون دفع مستحقاتهم عقابا لهم ، وأنذرتنا بأن من يشتكي منا للسفارة او للجهات العمانية المختصة سيكون مصيره كمصيرهم الطرد والتسفير فورا ودون ان يستلم اية مستحقات !!
ورغم احساسنا بالظلم والغبن الواقعين بحقنا فأننا راضون بالامر الواقع وننتظر بفارغ الصبر انتهاء مدة العقد العقوبة للعودة لبلادنا وعدم مغادرتها مجددا لأي بلد كان .. فما نالنا هنا من ظلم واجحاف لا يطاق .. فنحن بشر ولسنا حيوانات.

اتمنى ان تصل رسالتي هذه وبوضوح للمعنيين في وزارة القوى العاملة ووزارة الخارجية وديوان البلاط السلطاني .. فحرام ثم حرام ما يحصل من استغلال بشع لهؤلاء المساكين المغرر بهم ليس من قبل الشركة الصينية الظالمة فقط ولكن من قبل جميع الشركات صغيرها وكبيرها. وادعوا اصحاب المعالي والسعادة بتجثم عناء زيارة معتقل غلانتاناموا (مخيم غلا للعمال ) للوقوف بانفسهم على معاناة عشرات الالاف من هؤلاء المساكين .. فارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.