Oct 20, 2007

مصادر الدخل البديلة .. واخفاقتنا .. والقضاء والقدر

من المفروض ان يكون قد وضع الاقتصاديون العمانيون الذين جرى تعيينهم في الحكومة منذ ثلاثة عقود ونيف الخطط الكفيلة التي تضمن لنا مصادر دخل بديلة وذلك باستثمار مصادر الدخل الحالية .. النفط والغاز والزراعة والاسماك والمعادن والثروة الحيوانية .. فهل تمكنوا من ذلك ؟ .. وهل بامكاننا اليوم ان نضيف مصادر دخل جديدة لما تبقى من القديمة تعين الاجيال القادمة على مواصلة التنمية والتطور ؟ .. في الواقع من يستطيع الاجابة على ذلك هو وزير الاقتصاد الوطني .. وبالذات ان معاليه من الوزراء المخضرمين الذين عمرهم بعمر النهضة ويعرفون او يفترض ان يعرفوا ادق اسرار الحاضر والمستقبل الاقتصادية .
وبما اننا في بلد لا تصدر فيه تقارير اقتصادية موثقة تبين للعامة وبلغة بسيطة او ضاعنا الاقتصادية الحقيقة .. فسنترك للاخوة في مجلس الشورى الجديد بعد حملة الانتخابات الشرائية التي يقوم بها اعضائه المرتقبين والطامعين بالخيزرانة والخنجر والبشت ونعومة الكراسي وبراد المكيفات من ايصالها لمعالي الوزير ان لم يغالبهم النعاس !!
ولعل السؤال الملح الذي يتبادر للذهن فورا .. وكيف لنا نحن العامة ان نطمئن ان كل شيء على ما يرام ؟ .. وبالذات ان ما نراه ونسمعه ونعاني منه هو العكس تماما ! .. فلا اعتقد ان حتى الاطفال لا يعلمون .. ان نفطنا في زاول (امر واقع لاجدال فيه) وان تناقص الانتاج الذي نعتمد على عوائده ان لم يكن ١٠٠٪ فهو ٩٩٪ .. وان شركة النفط الرئيسية التي دائما ما تعدنا بمئات الملايين من البراميل تضاف لاحتياطينا قد كذبت ليس علينا بل على العالم اجمع حول ذلك .. ومع ذلك .. المسامح كريم .. وجرى تمديد العقد لها وبالنسبة ذاتها من الارباح التي تشاركنا فيها !؟ .. فالنفط لن يسعفنا لاكثر من عشرون عاما بمعدلات الانتاج والاستخلاص بالبخار والبوليمر والغاز والغمر وبكل طرق الاستخلاص المعززة والثانوية .. فالانتاج من حقولنا في تناقص وامامنا عشرون عاما لنبحث فيها عن مصدر دخل يعود علينا بـبلايين الدولارات سنويا كالنفط فهل نتمكن من ذلك ؟
ناتي للغاز .. وما سمعناه عن البيع بخسارة في حين ان جميع العالم يربح ! .. فاحدى الدول الصديقة يبلغ دخلها من الغاز ما يجعل من كل مواطن فيها ليس مليونيرا .. بل بليونيرا .. فبالله عليكم كيف نبيع غازنا الثمين بخسارة لكوريا الجنوبية .. كيف ؟؟ ومن المسؤول عن هذه الفضيحة المدوية الذي لا يعرف ان الاسعار العالمية حتى للبصل ترتفع وتنزل .. فما بالك بالغاز!.
والان ناتي لاقدم مصدر للدخل في عمان والذي كان نصدره قبل خمسة الاف عام للخارج .. الهند والعراق .. النحاس .. فعندما تم بناء مصهر شركة مجان في وادي الجزي وبدأت مدخنته العالية في نفث الدخان قلت في نفسي حينها .. ها نحن ندخل عصر الصناعات الثقيلة من اوسع ابوابه .. وسيلي صهر النحاس صهر الحديد والكروم ولربما الالمنيوم والذهب . بحثت في جدول الدول المنتجة للنحاس في العالم وتوقعت ان اجد اسم السلطنة ولو في ذيل القائمة .. ولكن خاب ظني .. فهناك كانت المغرب والسعودية ولا وجود لعمان .. فهل انتهى النحاس ايضا ؟؟.
لا بأس .. فان انتهت كميات النفط والغاز والنحاس .. فلا زالت لدينا ثروات طبيعية اخرى لنستغلها .. وقد وفرت لاجدادنا من قبل ليس مصدر رزق فقط .. بل مصدر غذاء ايضا .. الزراعة والاسماك .. بصراحة الحكومة ما قصرت في تطوير هذين القطاعين وبالذات الزراعة وصرفت دم قلبها على ذلك .. ولكن لم تستطع عبقرية المهندسين والعلماء الذين يديرون مراكز البحوث خلال ثلاثة عقود من القضاء على حشرة اصغر حجما من الذبابة واضعف منها تعرف بالدوباس ويعرفها المزارعون بالمتق .. هذه الحشرة قضت الى جانب ملوحة المياه وندرتها .. بعد ان تعلم المزارعون الجدد السباحة في الاحواض الاولمبية القياس على ثروتنا من النخيل في غمضة عين ونحن لا نكف عن الرش بالمبيدات الكيماوية التي قضت على ما تبقى من الحشرات الصديقة للبيئة وللنباتات !! .. وصرنا اليوم نستورد التمر والرطب بعد ان كنا نصدره للعالم ! .. والامر ذاته ينطبق على اللومي او الليمون العماني الذي كان يضرب به المثل في الخليج .. طازجا او مجففا .. هو الاخر قضت عليه آفة جديدة نسبيا تعرف ولسخرية القدر بمكنسة العجوز .. ما قصرت فقد خمت المكنسة ليموننا وصرنا نشترى الان الهندي والتايلندي عوضا!
وماذا عن الاسماك العمانية ؟ .. هذه الثروة المتجددة ما الذي حصل لها .. لن اتناولها اسمحوا لي .. فهناك مئات المواضيع التي تناولتها وبعد استغلال بشع جائر لها من قبل الهوامير البشرية (الهوامير البحرية صار الكيلو منها باربع ريالات) سنترك معالي الوزير الجديد الذي تم تعيينه لانقاذها بعد سبات طويل ومكلف قضي خلاله على اسماكنا القاعية والسطحية وصار صيادونا يغامرون في دخول المحيط بحثا عن السهوة والجيذر .. لا باس سننتظر عام كامل لكي يتمكن فيه معاليه من اعطائنا نبذة عن الوضع .. فنحن شعب صبور بطبعه على كل ضيم .. وقنوع للثمالة .. فحتى لو نهضنا غدا ولم نجد لا نفط ولا غاز ولا معادن ولا تمور ولا سمك .. سنرفع يدينا ونقول لا باس .. الله كريم وما باليد حيلة وكلها تراها قضاء وقدر .. والسموحة .

No comments: