كم نستشيط غضبا عندما يصفنا الاخرون بالبربرية والوحشية والتخلف والجهل .. فندافع باستماتة وحماسة عن هذه الاتهامات مستعرضين تاريخنا وسماحة ديننا واسهاماتنا في التطور الحضاري والرقي بالانسان .. وبأن هذه الاتهامات ليست سوى محض افتراءات مغرضة ينشرها اعدائنا للنيل منا وتشويه سمعتنا العطرة !! وكم من مناقشات ساخنة خضتها بنفسي ورفاقي في مواجهة جماعات المتهكمين والساخرين بنا من الغربيين لتوضيح الخطأ الفادح الذي يقعون فيه بتصديق ما كنا نعتبرها ترهات .. باستعراض منجزاتنا وبأن الحقيقة مخالفة تماما لما يتصورونه .

ولكن .. اشعر اليوم بعجز وباحباط شديدين وانا اقف شاهدا غير مصدق لمدى التردي الاخلاقي والإنساني الذي وصلنا اليه وبتنا معه اسوء من الوحوش والضواري في استباحة دماء بعضنا البعض وشغفنا بالتدمير بانواعه الذي نال البشر والحجر معا .

فهل يعقل ما يجري الآن وفي هذه اللحظة في سوريا والعراق ومصر من همجية وبربرية وتخلف وجهل .. بلغ حد استباحة الدماء وقتل النساء والاطفال بشتى الطرق والوسائل .. فهل من شجاعة الجنود المسلمين  الانقضاض على اخوانهم قتلا وتنكيلا في قرى ومدن سوريا ومصر والعراق .. وهل من شجاعة المعارضين لهم اجتثاث افئدتهم واكلها نيئة وبتر اعضائهم التناسلية وجز رقابهم !!؟ .. وهل من الشجاعة ورجولة الجيوش العربية خنق المواطنين العزل بالغازات السامة وتدمير القرى والمدن على اهلها بالصواريخ والطائرات .. او ارتكاب المجازر والمذابح بحق المطالبين بالشرعية والديموقراطية في الشوارع والميادين .. او خنق المحتجزين في باصات النقل المغلقة وحرق جثثهم في المساجد !!؟

لقد بتنا اسوء خلق الله .. فحتى الضواري لا تقتل الا لسبب ولا تتلذذ بالقتل .. بينما نحن نقتل بلا سبب ونتلذذ بالدماء وهي تسيل انهارا ونحن نضحك فرحين وكاننا نيلنا من اعدائنا وحررنا اوطاننا !!