ما دفعني حقا لنقل هذه التدوينة للكاتب جمال النوفلي
هي صدق المشاعر التي عبر من خلالها عن تجربته في ما اسماه تحرير العقل من
القوقعة التي حبسه فيها عندما تجرأ اخيرا بزيارة مهرجان مسقط الذي يعتبره
المطاوعة الكبار محرما !! مما لاشك فيه ان هذا الكاتب الناشيء او المطوع
في قيد التكوين سيتعرض لكثير من التقريع والتهديد وربما اسوء لخروجه عن
المألوف ولكن لابد من قراءة مقالته .. التجربة قبل الحكم عليه :
أنا ومهرجان مسقط
لم أزر مهرجان مسقط منذ فترة طويلة جدا والأسباب التي منعتني من زيارة
المهرجان هي ليست أسبابا قوية جدا .. ، السبب الأول أنه عندما كنت يافعا
كنت متدينا أي مطوعا لذا لم يخطر على بالي أن أزور هذه الخزعبلات والتفاهات
التي تفسد الدين والعقل كما كنا نعتقد .. خاصة أن البيئة التي حولي من
الأصدقاء كانوا أيضا مطاوعة ومتدينين جدا مثلي . والحقيقة أننا كنا نشعر
بتفوق خلقي وعقلي على الناس .. ، فنحن نقدم فائدة العقل وحفظ الخلق ونؤخر
الرغبات الأخرى كاللعب والحب والشهوة وغيرها . وكنا نعتقد أن الاتجاه الاول
( الالتزام ) يقربنا من الملائكة بينما الاتجاه الثاني
( الرغبات )*يقربنا
من الحيوان ...
وسنون طويلة .. جاءت ومرت والمهرجان يتطور ويزدهر * ونحن ماضون في عالمنا
المثالي حتى جاءت فتوى من سماحة الشيخ أحمد التي أكدت ما كنا نؤمن به فحرمت
المهرجان والذهاب إليه .. وشعرت حينها بنشوة الانتصار .
ومضت سنون أخرى وانهيت الثانوية بتفوق ودخلت معهد العلوم الشرعية ( معهد
القضاء ) حتى أكمل مشوار الطواعة وطلب العلم الشرعي .. ، وفي هذا المعهد
العريق التقيت بأحد أحد الدكاترة الذي أخبرني*أنه يجب أن أحرر هذا العقل من
القوقعة الصغيرة التي حبسته فيها طوال هذه السنة وأني لو أخرجت هذا العقل
من القوقعة الصغيرة فسوف يحقق لي أمنياتي وأنال المعرفة*.. وسألت بعض
المشايخ والعلماء فقالوا لي : المعرفة والعلم يأتي من القراءة والحفظ وليس
هذا وقت الاجتهاد ( أي التفكير) فالاجتهاد له شروط وعليك أن تكتفي الان
باتباع العلماء حتى تكون عالما وتبلغ درجة الاجتهاد .. . وكعادتي اقتنعت
بكلام المشايخ**وتركت المارد في قوقعته .
ولكن بعد فترة من الزمن تحرر المارد لا أعرف كيف تحرر ربما بسقطة من على
الفراش أو بصفعة من أحد الأصدقاء المقربين**وبدأت أفكر*واستمتع بالحرية
وبالتفكير العميق والجميل والتأمل في الأشياء وأسبابها وأصولها وأدلتها
وكيفية تكوين الموجودات*والعلوم والافكار وكيفية تفكيكها*.. كان شيئا رائعا
ذلك التحرر .
وفي تلك السنة قام عبدالله عباس* بتغيير خطته في المهرجان فأدخل فيه بعض
البرامج الدينينة والثقافية مثل معرض الكتاب وبعض المحاضرات والأمسيات
الشعرية .. ، وهنا تساءلت في نفسي هل الذهاب إلى المحاضرات الدينية ومعرض
الكتاب محرم كونه جزءا من المهرجان*.. طبعا كان هذا التفكير بين وبين نفسي
وبعض الاصدقاء المتحررين وكنت أستغفر الله من هذا التفكير.. وتفاجأت في
إحدى الأيام بالاخ جابر الرواحي يقف أمام جامع روي ويشير إلى الفتوى ويشير
إلى إعلان المحاضرات ثم يقول مستغربا كيف نحضر المحاضرات وهم يحرمون
المهرجان ..
ورغم كل ذلك التفكير المحرم لم أجرء على الذهاب إلى المهرجان ..
وبعد سنوات من التخرج دخلت المهرجان على حين غرة مع بعض الاصدقاء الجدد دخولا سريعا وخجولا وخرجت ..
وفي هذه السنة 2012 دخلت المهرجان وأنا أضرب بكثير من الآراء الدينية
المحرمة عرض الحائط .. ( أستغفر الله مرة أخرى*إن كنت مخطئا ) وحضرت مسرحية
الكهف وكنت أول الحاضرين .. وأعجبت بالمسرحية وأداء ممثيلها المتناهي في
الروعة الذين لا أعرف أسماءهم ولكنهم متميزون جدا ومضحكين جدا وأعجبت أيضا
بفكرة المسرحية الهادفة ..
ثم وأنا اخرج من الحديقة مررت بالنافورة بالبحيرة الكبيرة والناس حولها*ثم
فجأة أغلقت المصابيح ووقف جميع الناس حول البحيرة ووقفت أنا معهم *.. وبدأت
موسيقى هادئة تتسرب من*عباب الماء*ثم بدأت النوافير بالتراقص مع أنغام
الموسيقى وروعتها وهناك في البعيد في مقدمة البحيرة لحظت أشخاصا عمالقة
يرقصون بطريقة جذابة جدا وبعد التدقيق تفاجأت أنهم من الماء أي أن الماء
تكون في صورة أشخاص رجال ونساء وأخذ يرقص في الماء .. شيء أذهلني جدا
والناس صامتون في ذهول وانبهار وتصفيق . ثم ظهرت النيران من أسفل البحيرة
وأخذت تتراقص مع الماء والانغام .. يا ألاهي كيف يفعلون ذلك ؟ لا أعرف .*
ثم من وسط البحيرة خرجت الالعاب النارية مالئة الأفق بألوانها الجميلة
ومودعة الجماهير*. وانتهى العرض بعد ذلك .
وخرجت وأنا في قمة الارتياح والانبهار من ذلك الجمال الخلاق .. وعرجت على
المعارض الخيرية والتعريفية*استبدلت فيها بعض نقودي بالثواب والجزاء الحسن
وراجيا أن أواسي بها أحدا أو أن أكفر بعضا من**ذنوبي الكثيرة ..
حفظ الله عمان وأهلها ...
شكرا لله على نعمة العقل ..
شكرا للمبدعين العمانيين ..
للذين لا يريدون الذهاب الى المهرجان .. اذهبوا إلى *روعة مهرجان مسقط فهو أفضل وأقل حرمة من دبي وماليزيا
جمال* مبارك النوفلي
ظ…ط¬ط§ظ†