Sep 12, 2008

لماذا فشل العرب في اكتشاف العلوم الحديثة!؟

مع انتظار العالم لما ستسفر عنه تجربة محاكاة الانفجار الكوني العظيم وهي النظرية التي يقول عدد من العلماء انها ادت لنشوء الكون والتي يعتبرها الكثيرون اهم تجربة علمية يتم اجراءها في تاريخ العلوم الحديثة .. يتبادر لذهني سؤال قديم جديد .. اين نقف نحن المسلمون من العلوم الحديثة والاكتشافات العلمية الغربية المتوالية ونحن نجلس القرفصاء مشاهدين !
---------------


لماذا فشل العرب في اكتشاف العلوم الحديثة!؟

فهد عامر الاحمدي

ما زلت عاشقاً لكل ما يتعلق بالحضارات القديمة والثقافات العريقة.. ما زلت أقرأ عن إنجازات البابليين والفراعنة والصينيين والإغريق والرومان والعرب. ومن خلال هذه القراءات أيقنت ان لكل أمة ساعتها الذهبية التي تتألق فيها ثم تترك الدور لغيرها من الأمم (.. وغالباً إلى الأبد!!).
ما لم أفهمه بحق هو:
- لماذا فشلت الحضارات القديمة في اكتشاف وتطبيق المنجزات العلمية الحديثة!؟
- لماذا لم تترجم أي من الأمم القديمة اكتشافاتها العلمية إلى (سيارة وطيارة وأدوات كهرباء مفيدة)!؟
- وفي المقابل: لماذا ظهرت المنجزات العلمية الحديثة في أوروبا دون غيرها من الأمم!؟
- لماذا تجاوزت النهضة الأوروبية الحديثة حدودها المحلية وانتشرت في العالم أجمع!؟
.. (بصراحة) ما زالت أفكاري الخاصة مترددة حيال هذا الموضوع - وبالتالي لا أفضل الحديث عنها قبل عشر سنوات من الآن.. غير ان هناك كتاباً قد يجيب على هذه الأسئلة يدعى فجر العلم الحديث بين الإسلام والصين والغرب (وهو من تأليف البروفيسور الأمريكي توبي هف وصدرت طبعته الثانية برقم 260ضمن سلسلة عالم المعرفة الكويتية).
ومن سياق هذا الكتاب يتضح إعجاب البروفيسور هف بالحضارة العربية - وفي نفس الوقت - عتبه على هذه الحضارة بسبب عجزها عن اتخاذ (الخطوة الأخيرة) واكتشاف الإنجازات العلمية الحديثة. ففي معظم الفصول (يخرج عن الموضوع) ويكيل المديح لإنجازات العرب العلمية ثم يعود لالقاء اللوم على الثقافة والمجتمع العربيين لعجزهما عن تطبيق وتفعيل هذه الاكتشافات - كما فعلت أوروبا لاحقاً - .. والقضية الأساسية التي يناقشها هف ليست من سبق من - ولا أي حضارة استفادت من الأخرى - إنما العوامل الاجتماعية والثقافية التي كبحت جماح العلم في الحضارات القديمة وتقدمت به إلى وضعه الحالي في أوروبا الحديثة.
ورغم ان الكتاب لا يضم (قائمة بالأسباب) التي قادت لهذا الوضع إلاّ أنني - من خلال قراءتي الخاصة - أستطيع تلخيص النقاط التالية:
÷ معظم الحضارات القديمة كانت تحارب الاكتشافات العلمية التي تعارض المنهج الثقافي والعقائدي السائد في مجتمعها (وهو ما حصل أيضاً في أوروبا زمن العصور الوسطى).. أما في أوروبا الحديثة فبدأ الوضع (معكوساً) حيث التمرد على الكنيسة والأفكار اللاهوتية القديمة فتحا المجال للبحث الحر والمنافسة المفتوحة بعيداً عن سلطة الرقيب السياسي والديني!
÷ أيضاً الحضارات القديمة تميزت بخصوصية محلية راسخة وحدود ثقافية ضيقة أعاقت انتشارها عالمياً؛ فالطب الصيني والعربي مثلاً لايزالان محصورين في مناطقهما الاقليمية لاعتمادهما على أفكار غيبية ومعتقدات محلية خاصة.. أما في أوروبا فظهرت النتائج العلمية بشكل مجرد ومحايد بفضل مساهمة بلدان وقوميات كثيرة في صنعها (فالثورة الحديثة في علم الفلك مثلاً ساهم فيها كوبرنيكوس البولندي وجاليليو الإيطالي وبرهيه الألماني ونيوتن الإنجليزي)!!
÷ وتنوع المساهمين في هذه النهضة - بالإضافة إلى التمرد على الأفكار اللاهوتية القديمة - جعل الأوروبيين يتميزون عن بقية الأمم (ليس في المساهمة العلمية بحد ذاتها) بل في ثقافة البحث، ومنهجية العمل، وحيادية الطرح، وبلورة ما يعرف بـ "مؤسسات البحث العلمي" الضخمة.
÷ أيضاً استمرت النهضة الأوروبية الحديثة لفترة طويلة نسبياً (تجاوزت السبعمائة عام) الأمر الذي جعلها تتفاعل وتعاصر ثورات فكرية واقتصادية مختلفة. فالنهضة الأوروبية تبدو كنهضة "صناعية رأسمالية" أكثر منها نهضة "ثقافية فكرية" كالتي ميزت الحضارات الشرقية.. ويعود السبب إلى تلاقي "الثورة العلمية" هناك مع "الثورة الصناعية" وبالتالي تبلور فكرة الإنتاج الصناعي وتسويق السلعة على عامة الناس.. وفي المقابل اخترع ابن الهيثم الكاميرا (أو الغرفة المظلمة) واخترع عباس بن فرناس الطائرة ولكن (ماذا بعد!؟) كلا الاختراعين بقي مجهولاً وغير مستعمل لغياب فكرة التصنيع والتسويق الموسع!
على أي حال.. قد لا يقدم الكتاب إجابة شافية لسؤالنا الأساسي (الذي عنونا به المقال) ولكنه يصبح مفيداً وأكثر شمولية إن أعدنا صياغة السؤال على النحو التالي:
لماذا نجح الغرب عموماً - دون بقية الأمم - في تطبيق العلوم الحديثة؟

المصدر :
http://www.alriyadh.com/2004/08/08/article13988.html

No comments: