ملاحظة : لم يسبق لي ان كتبت مقالا استعرض فيه منجزات السلطنة وتحولها من بلد متخلف عن ركب التطور ومنقسم على نفسه تسري في اوصاله الامراض والجهل والتخلف وتنعق في سمائه الغربان .. كلما اتذكر تلك الايام وبؤسها يعود قلبي يتألم .. ولعل ما يؤلم اكثر عندما ينتقد البعض من الجيل الحالي او جيل ما بعد النهضة الذين لم يعانوا او يمروا بتلك التجربة ماتم من انجازات وتطور في جميع المجالات وذلك بدءا من العدم .. ورغم اننا نعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية الا ان ذلك لا يشفع لنا ابدا وباي شكل من الاشكال عدم الاعتراف بفضل الدولة وقائدها علينا والسؤال كالبلهاء ماذا قدمت لنا وماذا ارست للاجيال القادمة ؟
ما تحقق معجزة بحق وحقيق
سأل الطفل جده الذي ناهز السبعين من عمره .. احكى لي شيئا عن حياتك وطفولتك ياجدي ؟ .. هل كنتم مثلنا ؟ .. هل توفر لكم ما يتوفر لنا ؟ .. استغرب الجد سؤال حفيده وعادت به الذكريات للايام الخوالي وطفولته .. فقال .. لا يا ولدي لم تتوفر لنا أيا من الامور المتوفرة لكم الآن .. فبالاضافة للفقر والجوع كان المرض المتمثل في الملاريا وغيرها يلازمنا ويهد من نشاطنا ولم نكن نحصل على العلاج .. فيموت معظمنا في سن مبكرة وكانت نسبة وفياتنا هي من اعلى النسب في العالم والمحظوظ الذي يجتاز الطفولة دون عاهة او فقدان للبصر نتيجة مرض التراخوما .
وقد عمل معظمنا في الزراعة واخرون في الصيد والرعي وبعض الحرف البدائية .. وهي مهن مضنية لم تحسن من احوالنا اطلاقا .. فبقينا دوما نهبا للمرابين من التجار واصحاب الاراضي والشيوخ المتسلطين الذين كانوا يأتون على معظم حصادنا.
ولم تكن عندنا مدارس نظامية فكانت الامية والجهل مستشري بيننا والمحظوظون الذين استطاع اهلهم الحاقهم بمدارس القرأن .. ولم تكن لدينا طرق ولا موانيء ولا اتصالات ولا اسواق ولا صناعات ولا جامعات ولا علاقات بدول العالم .
وكنا نعيش في سجن كبير .. ينخر فينا الجهل والمرض .. كنا كالاموات الاحياء . وكنا نتحين الفرصة للهرب من وطننا بشتى الطرق والوسائل للبحث عن مصادر رزق وحياة كريمة في دول الخليج وافريقيا .. وقد عملنا كعمال بناء وبيادير وحراس وخدم .. وكانت بعض المجتمعات تحترمنا وبعضها الآخر يسخر منا .. مع ذلك تحملنا الضيم والقهر وعملنا على ايجاد الفرص للآخرين للهروب من سجن التخلف والجهل والمرض الكبير.
وكانت مظاهر التحضر في طول البلاد وعرضها عبارة عن مدرستين ابتدائيتين ومستشفى متواضع خاص ببعثة تبشير امريكية وسبع كيلومترات من شارع مرصوف يربط معسكر بيت الفلج بمسقط .. ما عدا ذلك لم يكن هناك شيء بتاتا!
ولكن شاء الله ولطف وقدر فتولى مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم مقاليد الحكم وباشر فورا ومن أول بيان او بالاحرى وعدا له في تغيير وجه عمان البائس المجهول وبدأت عملية تنمية سريعة وعجيبة كالقصص الخيالية فتحولت عمان المتخلفة المريضة والمقسمة على نفسها الى دولة متحضرة متماسكة من اقصاها لاقصاها .. تناهز في نهضتها وتساير في عقود ثلاثة قصيرة .. دول سبقتنا في التعمير والنهضة بمائة سنة .
وعندما اتذكر الماضي المظلم وطفولتي القاسية وارى الحاضر وبهائه واراك انت ياحفيدي في صحة ونضارة .. لا اجد نفسي الا متضرعا بالدعاء للمولى القدير على ما آل اليه حالنا وعلى ما اغدق به من نعمة على الجميع وداعيا ايضا بطول عمر سلطاننا المحبوب قابوس .. الذي استطاع ان يقودنا ويضعنا على خريطة العالم من جديد.
للمتشائمين والناقمين والمرضى النفسيين الذين لا يعجبهم العجب دعوة لقراءة كتب الاحصاء السنوية والتقارير الدولية التي تحكي بالتفصيل ما تم انجازه على ارض السلطنة من انجازات وما يجرى انجازه وانشائه للمستقبل وللاجيال القادمة وكفى نعيقا.
No comments:
Post a Comment