ليس هناك من شك في ان انجازات جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم يحفظه الله يعلم بها القاصي والداني وله من المكانة الرفيعة في عالم اليوم ما يحلم به حكام كثيرون وله من المحبة والعرفان في قلوب العمانيين ما يعجز عن وصفه لسان ويحسد عليه حتى الجيران .
ولعلنا جبلنا كعمانيين على اظهار المحبة والولاء لحكامنا العظام على مر التاريخ فما بالك بحاكم بحجم قابوس وحكمته وعهده الزاهر ، ولعل البعض قد يدفعه هذا الحب والولاء لاظهاره باساليب غير عادية برفع الاعلام على سياراتهم او صبغ وجوههم وكما شاهدت اليوم بلصق صور جلالته على الزجاج الخلفي لسياراتهم المزينة بالاعلام والشعارات وهي مظاهر تبين عفوية هذا الحب وعمقه .
في عدد جريدة عُمان الصادر يوم الجمعة الماضي شد انتباهي خبران متناقضان ولكن يحملان ذات المضمون تقريبا ، الاول هو توافد الالاف من اصحاب النوق الى قصر الشموخ في ولاية منح فيما يعتبر تظاهرة عرفان وولاء نادرة واصيلة للقائد المفدى تستحق ان تدخل موسوعة جينيس للارقام القياسية عن جدارة واستحقاق وبعنوان عريض كاكبر مسير جماعي لقوافل النوق في العالم تعبيرا عن حب حقيقي نابع من قلوب الالاف من اصحابها الذين وفدوا بها من اصقاع البلاد شرقا وغربا وجنوبا وشمالا .
الالاف من اصحاب النوق الذين توافدوا على قصر الشموخ في ولاية منح ليجسدوا ملحمة حب وولاء وعرفان حقيقية وليست مزيفة للقائد تستحق التسجيل في موسوعة الارقام القياسية . واما الخبر الثاني فهو على النقيض يحمل في طياته معان أقل ما يقال فيها انها مصطنعة ومنظمة ومدروسة وتسعى لاهداف محددة مسبقا ولم تاتي كعفوية وزخم اللقاء الذي جرى في سيوح منح حول قصر الشموخ ، حيث ازيح الستار عن لوحة من الرخام المقطع والمثبت بلوحة يفترض فيها ان تصور القائد وليس شبيه له !! ولكن يبدو ان الفارق عظيم كالعادة بين الاصل والنسخة واترك لكم التقييم .
الصورة الاصلية واللوحة جنبا لجنب وعليكم ان تحكموا بانفسكم على مستواها الفني وان كانت تصلح لتجسيد قائدنا وباني نهضتنا ؟مالفت انتباهي في هذا الخبر أمر احترت في تفسيره ولازلت مستغربا منه وغير قادر على استيعابه ويتلخص فيما جاء في الشهادة التي قدمتها حسناء شركة غينيس للارقام القياسية الى مدير السبلة حيث نُسبت اللوحة وصانعها لحضرة صاحب الجلالة السلطان يحفظه الله وليس كما يدعي المسؤولون لمؤسسة السبلة التي تدعي انها صاحبة اللوحة وان الانجاز بأسمها !!! ولكي تتضح الصورة لكم اكثر هنا ترجمة لما جاء في الشهادة الانجليزية : (( شهادة - اكبر لوحة رخام فسيفسائية قام بتحقيقها ( تنفيذها ، صنعها ، انجازها ) حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد في مسقط ، عُمان ، في ١١ نوفمبر ٢٠١٠م - شركة غينيس للارقام القياسية العالمية المحدودة )) .
الشهادة ومضمونها الذي يذكر ان من قام بتحقيق اللوحة القياسية او صنعها هو من يقف فيها بنفسه .. اي جلالة السلطان يحفظه الله !!ولعل هذه الشهادة توحي بأمرين او تحتمل تأويلين ، أولهما ان جلالة السلطان يحفظه الله قام بصنع اللوحة التي تجسده شخصيا ليسجل بذلك أسمه في سجلات غينيس وهو أمر لا يعقل اطلاقا ولا أجد له تفسيرا مقنعا ، فجلالته غني ليس بحاجة لتحقيق رقم قياسي بأسمه فقد حطم ارقام قياسية غير مسبوقة بانجازاته لوطنه وشعبه تحتاج غينيس لمجلدات لتسجيلها وذلك بعد ان سطرها التاريخ في سجلاته ولا يزال ولعل أهمها على الاطلاق حب وولاء ابناء وطنه الكرام .
اما الاحتمال الآخر وهو الارجح من وجهة نظري ان ادارة السبلة امعانا في تملقها المكشوف والمعهود هذا ارادت ان تسجل أسم جلالته وكأنه من يملكها او الايحاء لنا بذلك !!؟؟ او أنها اخطأت في تسجيل اللوحة لدي المسؤولين في غينيس او أنها لم تقرأ ما جاء في الشهادة بالانجليزية او لم تفهم مغزاه !!
على أية حال فاللوحة التي تسببت في حظر بعض من اعضاء السبلة الذين تجرؤا وعلقوا على مستواها الفني ومنهم استعرت التشبيه فسوف تظهر للعيان ان قرر سعادة رئيس البلدية ذلك ولكن ادعوه للتروي وامعان النظر مجددا فيها وفي صلاحيتها للعرض مضمونا وفكرة وتطبيقا فنيا يجسد مولانا وقائدنا ، ولا اعتقد شخصيا انها تستحق ذلك فنيا على الاقل واما مضمونا فهى فعلا تبعث على الاستغراب والتأويل من اختيار صورة له وهو يقف وحيدا في ارض مقفرة منبسطة ترمز لعُمان .. فهل هي كذلك وأكثر من مليونين مواطن محب يحيطون به وبها من السمات الطبيعية الجمالية ما يستحق الابراز !!؟؟