يبدو اننا نعيد نفس الفصل المسرحي السنوي عندما تشح الاسماك الشحيحة اصلا في الاسواق ويستغل الصيادون والتجار الجشعين ذلك فيبالغون في رفع اسعارها التي لا تتحكم بها سوى الاطماع وليس الدولة او القانون او الاخلاق !! .. فبالامس بلغ سعر حبة السهوة في سوق مطرح ٣٠ ريالا عمانيا من وارد مسندم .. لتتفوق بذلك على سعرها في اليابان !! .. وصدقوني ان قلت ان العمانيين بما في ذلك اصحاب الدخل المرتفع والميسورين باتوا يترددون في شراء الاسماك التي ظلت على مدى الاف السنين مصدر البروتين الرئيسي المتوافر لجميع فئات المجتمع العماني من الفقير للغني بيسر وسهولة .. من العومة للجيذر .

نحن نعلم ان الوزير الحالي للثروة الزراعية والسمكية جاء لينقذ ما يمكن انقاذه من ثروتنا السمكية التي عاث بها فسادا من سبقوه .. ويعمل على ان تتواجد على موائد العُمانيين قبل ان تتواجد في مطاعم اوروبا واسيا وغيرها من قارات العالم .. ولذا تدفع الوزارة بشركات الاسماك عند شحها في البحار لطرح جانب من صادراتها في الاسواق المحلية وباسعار معقولة وليست خيالية كتلك التي يفرضها علينا الصيادون والتجار .. ( اقرأ الخبر : http://www.shabiba.com/News/Article-27580.aspx ) ..
ولكن السؤال المطروح .. هل بهذا الاجراء الموسمي المؤقت يتم حل المشكلة المزمنة والمتفاقمة فالاسماك لم تعد موجودة في ثلثي بحارنا الشمالية نتيجة الاستنزاف والصيد الجائر؟؟

اليس من حقنا كمواطنين عمانيين ان نتمتع بالمكون الاساسي في وجباتنا منذ القدم دون ان نفكر مليون مرة في ذلك ونحن نتحسس جيوبنا مترددين !!؟ .. اليس من العيب الا نحقق الاكتفاء الذاتي المحلي من الاسماك ونحن نصدر مئات الاطنان منها للعالم .. اذ بلغ اجمالي إنتاجنا السمكي خلال عام ٢٠١٢م ما مقداره ١٩١٧٢٨ طنا ؟؟



جدول يوضح الإنتاج السمكي حسب القطاع نشر بموقع الوزارة

هل بات من الصعب على الوزارة والحكومة سد نقص السوق المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي السمكي قبل ان تسمح للشركات بالتصدير !؟؟ .. لا نريد طبعا .. اسماكا مجمدة مهترئة من بقايا المخازن كما هو حال مما تعرضه الشركات الآن .. بل نريد اسماكا طازجة نضرة ونظيفة من بحارنا وليس من انتاج المزارع ويقايا المصانع .

نرجوا من الوزارة التي اعتبرها شخصيا المسؤول الأول عن ضياع وتدهور الثروة السمكية في السلطنة منذ تأسيسها بالتوقف عن محاولاتها المتواصلة لذر الرماد في العيون والادعاء بأن ثروتنا السمكية بخير .. وبأنها لم تعاني من الصيد الجائر والاستغلال البشع الذي ادى لتدهورها في ثلثي بحار السلطنة .. ان تكشف لنا عن الحقائق بشفافية تامة وبصدق وتضع المعلومات المتعلقة بوضع ثروتنا السمكية وما آلت اليه الآن امام الجميع .. وتحدد الاسباب التي ادت لخسارتنا ثروة عظيمة في اقل من اربعة عقود فقط ومن كانوا المسؤولين عن ذلك ؟؟ .. فكفانا ذر للرماد في العيون .. فذلك لن يفلح ابدا في حجب الحقيقة .