مع انهم تحت كل حصاة تقلبها في عُمان .. الا انني لم اتصور يوما ما ان يزج بنا في العداء التاريخي بين الهند وباكستان ! وعندما اخبرني احد الاصدقاء عن قصة الجندي الهندي السردار جسبال سنج Jaspal Singh الذي يشاع انه مسجون في عُمان منذ ٤١ عاما في جزيرة مصيرة بعد ان سلمته لنا باكستان بعد أسره في الحرب التي دارت بينهما لنتولى بالنيابة عنهامعاقبته في سجوننا !.. لم اتمالك نفسي من الضحك وبقهقهة عظيمة متواصلة حتى دمعت عيناي .. فقلت معلقا .. لا بد انهم يفكرون الآن في انتاج فيلم بوليوودي جديد مبنى على خيال السنج سكديف Sukhdev Singh الذي ادعى انه التقى السنج الاسير اثناء عمله كنجار في سجن مصيرة القديم !!

رابط فيديو عن القصة في الاعلام الهندي الذي اثار مشاعر الهنود لحد التطاول علينا :
http://www.istream.com/news/watch/17...r-in-Oman-jail

وعندما تتبعت القصة عبر الانترنت واليوتيوب وجدت ان الدنيا في الهند مقلوبة رأسا على عقب شعبيا ورسميا مع تغطية  اعلامية واسعة حتى من الجرائد العتيدة مثل Times of India على الموضوع الخيالي الذي لا يخطر ببال احد الا الهنود طبعا .. ولم تقتصر التعليقات على التنديد والشجب والمطالبة بالافراج التي تقدم بها السفير الهندي المذهول كغيره من السلطات العُمانية .. بل تعدت ذلك للاساءات بانواعها من شتائم بالجملة وتحقير بينت مشاعر الهنود الحقيقية تجاه عُمان التي تحتضن اكثر من ثلاثة ارباع مليون رأس منهم !!



سكديف سنج وقصته المزعومة في الرابط التالي :

http://www.outlookindia.com/article.aspx?282409


ولعل السنج سكديف الذي نشر الرواية الخيالية تحول ما بين ليلة وضحاها من نجار مغمور لبطل قومي في بلاده لم تخلو جريدة من صورته وتهافتت القنوات على نشر اقواله التي تفيد بأنه قابل السجين جسبال سنج اثناء عمله كنجار لبعض الوقت في السجن القديم المزعوم بمصيرة عام ٢٠١٠م الذي اقترب منه بعد ان تبين له من العمامة التي يضعها انه من طائفة السيخ وسأله عن القرية التي جاء منها وعندما اجابه سكديف انه من قرية دوجري Dugri .. رد عليه جسبال بانها قرية اقارب زوجته .. ويقول سكديف رغم ان جسبال بدا كالمسلمين بلحيته المسترسلة وقلنسوته الا انه حدثني بالبنجابية وذكر لي اسماء عدة اشخاص من قريتي .

وتكرر لقائنا في الايام التالية ولفترات قصيرة للغاية لم تتجاوز الدقائق الخمس كل مرة وذلك خوفا من لفت انتباه مراقبيه وخلالها افاده بتفاصيل العملية التي وقعت في الثالث من ديسمبر بالقرب من حسيني والا Hussainiwala حيث القي عليه القبض عليه مع معلومات عن اسم كتيبته وتفاصيل عن عائلته . وافاد ايضا بان اربعة جنود كانوا معه القي القبض عليهم خلال العملية عندما
انهار جسر بالقرب من فيروز بور Ferozepur اسفر عن بقاء اثنين من جنود فرقته على الضفة الاخرى من النهر . وجرى سجن الاسرى الخمسة في السجون الباكستانية لفترة خمسة او ستة اعوام تقريبا وذلك قبل ان ينقل ثلاثة منهم للسجن في مصيرة وانه لا يعلم ماحل بالبقية !

المثير في الامر ان الجميع يعلم بأنه لا وجود لسجن قديم او حديث في مصيرة التي نعرفها ماعدا غرفة للحجز على ما اعتقد بمركز الشرطة هناك .. واليوم نشرت جريدة تايمز اوف عُمان Times of Oman خبرا مقتضبا في صدر صفحتها الاولى يفيد نقلا  عن شرطة عُمان السلطانية بان قصة الجندي الهندي الاسير المسجون في مصيرة منذ عام ١٩٧١م مجرد اشاعة ولا اساس لها  من الصحة واضافت بأنه لايوجد اصلا سجن بجزيرة مصيرة وعليه فان قصة سجين الحرب الهندي محض افتراء .




الخبر المنشور اليوم والذي ينفي قصة السجين الهندي .


الغريب في الامر ان سكديف بتفاصيل قصته اقنع الامة الهندية بأسرها والهب مشاعرها وأثار مجددا اشجانها واحقادها تجاه باكستان وفي ذات الوقت اقحم عُمان في الموضوع بشكل غريب .. فهل هو افتراء متعمد ام خيال جامح ؟؟